لا تطلقن القول في غير بصر إن اللسان غير مأمون الضرر
اللسان هو من أداة الإنسان الأكثر قوة وتأثيرًا، فبكلمة واحدة يمكن أن تبني أو تهدم، تبسط أو تعقد الأمور. المثل العربي “لا تطلقن القول في غير بصر إن اللسان غير مأمون الضرر” يُعد من أبلغ الأمثال التي تتحدث عن خطورة الكلام وكيفية التعامل مع اللسان بحذر. هذا المثل يحذر من إطلاق الكلمات في غير موضعها، ويُبين أن الإنسان قد يتعرض لضرر كبير إذا تحدث دون تفكير، خاصة إذا كانت كلماته لا تحكمها الحكمة أو البصيرة.
اللسان غير مأمون الضرر
اللسان، رغم أنه عضو صغير في الجسم، إلا أن له تأثيرًا عظيمًا. فالكلمة الطيبة قد تفتح أبواب السعادة، والكلمة الجارحة قد تفتح أبواب الألم. ومن هنا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالتحفظ على اللسان، حيث كان يحث على التفكير قبل الكلام. فاللسان غير مأمون الضرر، فكما يمكن أن يكون سلاحًا نافعا، قد يصبح أداة تهدم وتضر إذا استخدم بغير وعي.
ومن الأمثلة الواقعية على ذلك، أن الكثير من المشاكل التي تواجه الناس في حياتهم الشخصية أو العملية ناتجة عن كلمات قيلت في لحظة تسرع أو غضب، كلمات قد تفتح جروحًا يصعب تضميدها أو تعيد علاقات إلى الوراء.
أحاديث نبوية تحذر من التسرع في القول
النبي صلى الله عليه وسلم، باعتباره القدوة في القول والعمل، حذرنا في العديد من الأحاديث من مغبة التسرع في الكلام، وأكد على ضرورة التفكير قبل الإقدام على أي قول. ومن بين الأحاديث التي وردت في هذا السياق:
-
حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت.”
(رواه البخاري ومسلم)
هذا الحديث يبين أن المؤمن يجب أن يتحلى بحسن الكلام، فإذا لم يكن هناك ما يمكن قوله من الخير، فعليه أن يصمت. ففي صمته حماية لنفسه وللآخرين من الضرر الذي قد يسببه لسانه إذا تكلم بما لا يعود عليه بفائدة أو بما يؤدي إلى أذى.
-
حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم أبعد ما بين المشرق والمغرب.”
(رواه البخاري)
في هذا الحديث، يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكلمة الطائشة التي قد يُطلقها الإنسان دون تفكير. فالكلمة يمكن أن تكون سببًا في هلاكه إذا لم تكن محسوبة بشكل جيد.
-
حديث آخر يبين أهمية اللسان في حياة المسلم:
“إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتقِ الله فينا، فإنما نحن بك. فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا.”
(رواه الترمذي وابن ماجة)
هذا الحديث يظهر كيف أن الأعضاء الأخرى في الجسم تعتمد على اللسان، فإذا استقام اللسان، استقام الجسم كله. وبالتالي، فإن اللسان هو الذي يقود الشخص إلى الاستقامة أو الانحراف، وهو ما يوضح أهمية التحكم في الكلام وأثره العميق في حياة الإنسان.
كيف نحمي لساننا من الضرر؟
إن حماية اللسان من الضرر يتطلب منا الوعي التام بتأثير كلماتنا. إليك بعض النصائح التي تساعدنا في الحفاظ على لساننا:
-
التفكير قبل الكلام: علينا أن نتوقف للحظة قبل أن نطلق أي كلمة، خاصة في المواقف الصعبة أو الغاضبة، فالتريث يمنحنا فرصة للتفكير فيما إذا كانت كلماتنا ستؤثر بشكل إيجابي أو سلبي.
-
السكوت خير من الندم: في العديد من المواقف، يكون السكوت هو الخيار الأفضل عندما تكون الكلمات قد تكون جارحة أو مؤذية.
-
الكلمة الطيبة: علينا أن نسعى لاستخدام الكلمات الطيبة التي ترفع من معنويات الآخرين وتساهم في نشر الخير بين الناس.
خاتمة
اللسان سلاح ذو حدين، فإذا استخدمناه بحذر وحكمة، كان مصدرًا للخير والمنافع. أما إذا تسرعنا في الكلام دون تفكير، فقد يؤدي إلى الضرر لنا وللآخرين. لذلك، يجب أن نتذكر دائمًا أن “اللسان غير مأمون الضرر”، وأن نبادر إلى صيانة هذا العضو الصغير ليكون سببًا في بناء حياتنا بشكل إيجابي، كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة. فنحن مطالبون بالتفكير قبل أن نتكلم، وأن نحرص على أن تكون كلماتنا خيرًا أو أن نصمت إن لم يكن لدينا ما نقوله.