سياحة و سفر

علي أن أسعى وليس علي إدراك النجاح

علي أن أسعى وليس علي إدراك النجاح

يعد السعي وراء النجاح أحد المبادئ التي يمكن أن تساهم في بناء شخصية الإنسان وتحقيق أهدافه في الحياة. لكن السعي وحده ليس كافيًا، فقد تكون النتائج في النهاية بيد الله تعالى، وبالتالي فإن الإنسان مسؤول فقط عن بذل الجهد، وليس عن إدراك النجاح بمفرده. المثل العربي “علي أن أسعى وليس علي إدراك النجاح” يعبر عن هذا المبدأ ويؤكد أن الإنسان لا يجب أن يشعر بالفشل إذا لم تحقق أهدافه في النهاية، بل عليه أن يواصل السعي بكل جهد وعزيمة.

السعي والنجاح في الإسلام

في الإسلام، يُعتبر السعي من أسمى الفضائل التي يجب على المؤمن أن يتحلى بها. لقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على العمل بجد والاجتهاد في كل ما نفعله، وأكد على أن النجاح ليس حكماً أو ضمانًا للبشر بقدر ما هو قسمة من الله تعالى. النجاح قد يتأخر أو يأتي في وقت غير متوقع، لكن الأهم هو أن يكون الإنسان قد بذل جهدًا حقيقيًا في عمله.

أحاديث نبوية تحث على السعي والعمل الجاد

  1. حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    “إذا سَألَتْهُ إِحدى بناتِهِ فَقالَ: «يا رسولَ اللَّهِ، أُريدُ أن أَزُوجَ، فَقَالَ: لا تَحْتَجِرْ فِي أَمْرِكِ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلٌ عَنكِ فِي مَا فَعَلْتِ».”
    (رواه البخاري)
    هذا الحديث يدل على أهمية السعي والاجتهاد في الأمور التي تهمنا، وأننا لسنا مطالبين بمعرفة النتائج مسبقًا، بل بالسعي والاجتهاد لتحقيق الأهداف التي نسعى لها.
  2. حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    “احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجِزْ.”
    (رواه مسلم)
    هذا الحديث النبوي يشير إلى أن على الإنسان أن يسعى دائمًا إلى ما ينفعه وأن يستعين بالله تعالى في كل عمل يقوم به. العجز والتراجع عن السعي ليسا من صفات المؤمن، بل عليه أن يبذل كل ما في وسعه لتحقيق أهدافه.
  3. حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    “إنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ عَمَلَ العَامِلِينَ.”
    (رواه البخاري)
    هذا الحديث يعزز فكرة أن السعي والعمل الجاد لا يضيع أبدًا، حتى وإن لم تتحقق النتيجة الفورية. الله سبحانه وتعالى يرى جهود عباده وسيكافئهم عليها في الوقت المناسب، سواء كانت النتيجة كما توقعوا أم لا.

الشعر العربي القديم وتعليم السعي في الحياة

الشعر العربي القديم كان حافلاً بالحكمة التي تدعو إلى السعي والجدية في الحياة، وأحد الأبيات الشهيرة التي تدعم هذه الفكرة هو قول الشاعر:

  1. من أبيات الشاعر المتنبي: “على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ، وتأتي على قدر الكرام المكارهُ.”
    هذه الأبيات تعكس فكرة أن العزائم تأتي بناءً على قدر الشخص، وأن السعي يجب أن يكون متناسبًا مع حجم الطموحات والأهداف. مهما كانت الصعوبات، على الإنسان أن يواصل السعي، لأن النتيجة تتبع الجهد المبذول.
  2. وقيل في وصف السعي: “أعِدّوا للمسافر زادًا، فإن السعي لا يعجز.”
    هذه الكلمات تحث على استعداد الإنسان وإعداده الجيد، وأن السعي لا يتوقف. من يجهز نفسه ويواصل السعي، لا يمكن أن يعجز عن الوصول إلى هدفه في النهاية.
  3. أبيات أخرى للشاعر العربي المعروف: “لا تحسبن المجد تمرًا أنت آكلهُ، لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر.”
    هذا البيت يوضح أن المجد والنجاح لا يأتيان بسهولة، بل يحتاجان إلى الصبر والجدية في السعي. النجاح ليس مضمونًا ولكن الجهد والسعي يظلان أساسًا لكل إنجاز.

السعي بين القدرة والنتيجة

من خلال الحديث النبوي الشريف والأبيات الشعرية، نلاحظ أن الإسلام والشعر العربي يؤكدان على قيمة السعي والمثابرة. السعي والعمل الجاد يُعتبر من أسمى القيم التي يجب أن يتحلى بها الإنسان، لكن النتائج بيد الله سبحانه وتعالى. فالمسلم ليس مطالبًا بأن يضمن النتائج بل أن يبذل كل جهده في العمل.

كيف نحقق النجاح رغم أن النتيجة بيد الله؟

  1. إتقان العمل:
    يجب أن يسعى الإنسان إلى إتقان العمل الذي يقوم به، وأن لا يترك مجالًا للتقاعس أو التردد. فالتفوق ليس في انتظار النجاح فقط، بل في السعي المستمر لتحقيق الأهداف.
  2. التوكل على الله:
    بينما نسعى لتحقيق أهدافنا، يجب أن نتوكل على الله ونعلم أن النتائج في النهاية بيد الله. إن العمل المتقن والسعي الجاد يجب أن يرافقه التوكل على الله الذي ييسر الأمور.
  3. التعلم من الفشل:
    ليس الفشل نهاية الطريق، بل هو درس يجب أن نتعلم منه. إذا لم نصل إلى النجاح في مسعانا، فإن السعي نفسه هو النجاح الحقيقي.

خاتمة

المثل “علي أن أسعى وليس علي إدراك النجاح” يعكس حكمة عميقة في فهم الحياة والنجاح. السعي والعمل الجاد لا يضيع أبدًا، حتى وإن كانت النتيجة مختلفة عما نتوقع. في الإسلام، نحن مطالبون ببذل أقصى الجهد في كل ما نفعله، أما النتائج فترجع إلى إرادة الله سبحانه وتعالى. كما أكد الشعراء القدامى، أن النجاح لا يأتي إلا بالصبر والعمل الجاد والمثابرة. لذا، على كل إنسان أن يسعى بكل قوته، ويبذل أقصى جهده، مع التوكل على الله واحتساب الأجر.

Google ad sense
زر الذهاب إلى الأعلى