صحة و جمال

زيادة القول تحكي النقص في العمل ومنطق المرء قد يهديه للزلل

زيادة القول تحكي النقص في العمل ومنطق المرء قد يهديه للزلل

القول والعمل هما من أساسيات بناء شخصية الإنسان في الحياة. المثل العربي “زيادة القول تحكي النقص في العمل ومنطق المرء قد يهديه للزلل” يحمل في طياته عبرة عظيمة حول ضرورة التوازن بين القول والفعل، وتحذرنا من الإفراط في الكلام، حيث أن الكلمات الزائدة قد تكون دليلًا على نقص الفعل، وقد تؤدي إلى التورط في الأخطاء. كما يشير المثل إلى أن الكلمات قد تكون سلاحًا ذا حدين، يمكن أن تهدي الشخص إلى الطريق الصحيح أو تقوده إلى الزلل.

زيادة القول ودلالتها على النقص في العمل

إن الإفراط في الكلام بدون تحقيق الفعل يتسبب في انعدام المصداقية ويضعف تأثير الشخص في محيطه. الكلام الزائد قد يعكس نقصًا في العمل أو التقاعس عن أداء الواجبات. حيث إن الشخص الذي يتحدث كثيرًا عن ما سيقوم به ولا يلتزم بتنفيذه، يكون قد وضع نفسه في موضع شك من قبل الآخرين. الكلمة بلا عمل تصبح بلا قيمة، وقد تترك انطباعًا سيئًا عن الشخص المتحدث.

أحاديث نبوية تحذر من الثرثرة والكلام بلا عمل

النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث أكد على أهمية الفعل على القول. من هذه الأحاديث:

  1. حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    “إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَن سَمِعَ قَوْلًا فَأَرَادَ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ فَلْيَعْمَلْ بِهِ”.
    (رواه البخاري)
    هذا الحديث يشير إلى أن القول يجب أن يقترن بالفعل، فإذا قال الإنسان شيئًا فليترجمه إلى عمل حقيقي. وفي هذا أيضًا دعوة للصدق في القول والعمل.
  2. حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.”
    (رواه البخاري)
    هذا الحديث يبين أهمية التحكم في النفس والتصرف بحكمة في المواقف الصعبة بدلاً من الانجراف وراء القول الزائد الذي قد يكون نابًا أو جارحًا. الصمت والحكمة أكثر فاعلية من الكلام الذي قد يفضي إلى الزلل.
  3. حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت.”
    (رواه البخاري ومسلم)
    هذا الحديث يوجه المسلم إلى ضرورة التفكير قبل الكلام، وأن الكلام الزائد قد يؤدي إلى ضرر أكبر. فمن الأفضل في بعض الأحيان الصمت إذا لم يكن للحديث فائدة أو عمل يتبعه.

منطق المرء وقد يهديه للزلل

الكلام قد يوجه الشخص إما نحو الصواب أو نحو الخطأ. فكما أن اللسان قد يكون أداة لنقل الحكمة والموعظة، يمكن أيضًا أن يكون سببًا في الزلل إذا خرج عن سياقه أو إذا كان موجهًا بشكل خاطئ. هناك العديد من المواقف التي يتسبب فيها التسرع في القول في وقوع الشخص في الزلل، سواء في علاقاته الشخصية أو في حياته المهنية.

إن للحديث المستمر والغير مدروس تأثيرًا سلبيًا على سلوك الفرد. فالحديث المفرط قد يعكس ضعفًا في الشخصية أو في القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة.

الشعر العربي القديم كان يعبر عن الحكمة في القول والعمل، واحتوى على العديد من الأبيات التي تُظهر أهمية التوازن بين الكلام والعمل. ومن هذه الأبيات:

  1. الشاعر العربي المتنبي قال: “على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ، وتأتي على قدر الكرام المكارهُ.”
    هذه الأبيات تعكس فكرة أن العزيمة والعمل تأتي بناءً على قدر الشخص، فالكلام وحده لا يكفي، بل العمل هو الذي يثبت قدر الإنسان. فالشجاعة والعزيمة تأتي مع الفعل، ولا قيمة للكلام الذي لا يتبعه عمل.
  2. وقال الشاعر عمر بن أبي ربيعة: “وإِنِّي لَأَظُنُّكِ مَنَازِلَ قَائِلٍ * أَنَّ الأَمَامَ بَعْدَ القَوْلِ فِعْلُ” في هذه الأبيات، يشير الشاعر إلى أن القول وحده لا يكفي لتأكيد النية أو الرغبة في عمل شيء ما، بل يجب أن يصاحبه الفعل الذي يترجم هذه الكلمات إلى واقع.

كيف نحقق التوازن بين القول والعمل؟

  1. التأكيد على العمل قبل الكلام:
    من الأفضل أن نكون صامتين إذا كان القول لا يصحبه عمل. فإن الكلام في بعض الأحيان ليس سوى حبر على ورق إذا لم يتبع بمجهود حقيقي.
  2. التفكير قبل التحدث:
    يجب على الإنسان أن يفكر جيدًا قبل التحدث وأن يختار كلماته بعناية. فالكلمات الزائدة قد تؤدي إلى قول خاطئ أو غير مناسب، كما أن السكوت في بعض الأحيان يكون أبلغ من الكلام.
  3. الصدق والمصداقية:
    من خلال العمل الجاد والمثابرة، يمكننا بناء مصداقيتنا، فإذا عملنا بما نقول وأثبتنا قدرتنا على التنفيذ، فإن كلامنا سيكون ذا قيمة ووزن.

خاتمة

المثل “زيادة القول تحكي النقص في العمل ومنطق المرء قد يهديه للزلل” يعكس حقيقة أن الثرثرة والكلام الزائد يمكن أن يظهر نقصًا في الفعل الفعلي، وأن العمل أكثر تأثيرًا من الكلام غير المنفذ. من خلال الأحاديث النبوية الشريفة والأبيات الشعرية القديمة، نلاحظ أن الإسلام والشعر العربي قد حثا على ضرورة التوازن بين القول والعمل، وأكدوا على أن الفعل هو الذي يثبت صدق الإنسان، بينما القول الزائد قد يؤدي إلى الزلل والإضرار بالعلاقات والسمعة. لذا يجب على كل إنسان أن يتحلى بالحكمة في كلامه وأن يترجم أقواله إلى أفعال ملموسة لتحقيق النجاح في حياته.

Google ad sense

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى